المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استهلاك الفرد السعودي من المياه العذبة 91 % عن الاستهلاك العالمي


eshrag
01-25-2012, 10:40 AM
http://sabq.org/files/news-thumb-image/58579.jpg (http://sabq.org/5Ibfde)

عبير الرجباني - سبق – الرياض: كشفت دراسة تحليلية أن استهلالك المياه للفرد بالسعودية يتخطى 91 % بالنسبة لمعدل الاستهلاك العالمي، وفي الإمارات 83 %، فيما تتخطى هاتان النسبتان بست مرات معدل الاستهلاك في بريطانيا. كما أن قطر وعمان تتجاوزان المعدل العالمي لاستهلاك المياه، رغم المناخ الصحراوي فيهما. وتبحث الحكومات الخليجية عن وسائل لزيادة إمدادات المياه العذبة ودفع الأسر ومؤسسات الأعمال إلى استخدام المياه بتحفظ أكبر، حيث بات الإفراط في الاستهلاك مشكلة خطيرة في المنطقة.



يقول الدكتور وليد فياض ويعمل في قطاع الطاقة والمواد الكيميائية والمرافق وهو شريك في بوز أند كومباني (صاحب الدراسة): إن "شح المياه أمر واقع في كل بلد عربي تقريباً، وفي حال عدم إجراء تغييرات، ستواجه هذه البلدان مشكلة خطيرة". وتقرّ حكومات مجلس التعاون الخليجي بالمشكلة وقد بدأت باتخاذ تدابير للمعالجة، فعلى سبيل المثال ستتوقف السعودية عن شراء القمح من المزارعين المحليين بحلول سنة 2016، لثنيهم عن زراعة القمح وتقليص العبء الذي تفرضه الزراعة على الموارد المائية للمملكة، لكن هناك حاجة إلى المزيد من الخطوات، فثمة العديد من الطرق التي تمكّن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من ضمان استدامة إمدادات المياه.



إصلاح الزراعة



تستخدم الزراعة 80 % من المياه المستهلكة في دول مجلس التعاون الخليجي، علماً أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة قليلة. ويشير فياض إلى أن هذا الأمر غير ملائم تماماً، وهو واحد من الأمور التي يتعين على البلدان تغييره، إضافة إلى تلبية المزيد من متطلبات المنتجات الطازجة من خلال الاستيراد، ستحدد السعودية وبلدان خليجية أخرى الزراعة بالمناطق التي تتوفر فيها موارد مياه متجددة وستشجع المزارعين المحليين على التركيز على المحاصيل التي تحتاج إلى كميات مياه أقل. كما يجب أن تولي هذه البلدان المزيد من الاهتمام لصيانة وتحسين نظم الري واعتماد تقنيات ريّ "ذكية".



توعية المستهلكين



ليس هناك أي سبب للكثير من المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي للشك في أن إمدادات المياه قليلة، فعلى سبيل المثال، هناك في الإمارات مساحات خضراء شاسعة، في ميادين الغولف وضمن المجمعات السكنية، ما يوحي بأن المياه وافرة. ويشير فياض في هذا الإطار إلى وجود "نقص عام في التوعية في المنطقة، وهذا مرده بدرجة كبيرة إلى الإعانات التي تحجب التكاليف الفعلية وتخفي فداحة الوضع". ويضيف أن "الطريقة الوحيدة التي ستغير الوضع هي في حال فهم الشعب أن هناك مشكلة وبات هو جزءاً من الحل". فمن شأن أنظمة أكثر تشدداً حيال فعالية الاستخدام اليومي –بما في ذلك الصنابير والمراحيض– أن تبرز أهمية المحافظة على المياه وأن تؤدي إلى خفض معدل الاستهلاك المنزلي الحالي.



إصلاح هيكل التعريفة



من شأن التوعية الجيدة أن تهيئ الأرضية للتغيير الأساسي التالي المتمثل بإصلاح هيكل التعريفة. في الواقع، ليس من الضروري أن تغطي حكومات دول مجلس التعاون الخليجي جميع تكاليف توفير المياه واستهلاكها في بلدانها، بل إن الإفراط في استهلاك المياه في المنطقة يظهر التبعات غير المقصودة لكرم الحكومات في هذا القبيل. ويتعين على الحكومات الخليجية إعادة تصميم هياكل تعريفة المياه حتى يكون التسعير على أساس الاستهلاك، حيث يدفع المستهلكون بكميات كبيرة التعريفة الأعلى. وإلى جانب زيادة الفعالية الاقتصادية، فمن شأن هذا التسعير أن يقلص الهدر. وطالما بقيت الإعانات جزءاً من نظام التعريفة، يمكن توجيهها لتأمين مياه الشرب للمقيمين الأكثر فقراً ودعم النمو الاقتصادي وأولويات وطنية أخرى.





الاستثمارات في تحلية المياه المالحة وتقنيات أخرى




تؤمّن تحلية المياه المالحة نسبة الثلثين أو أكثر من كميات مياه الشرب المستهلكة في الإمارات والكويت وقطر والبحرين، وستستمر في تأدية دور محوري في جهود تطوير قطاع المياه في مجلس التعاون الخليجي، غير أن التحلية ترتّب تكاليف اقتصادية وبيئية باهظة، فرغم التحسن بنسبة خمس مرات لناحية تخفيض التكلفة منذ عام 1979، فإن تكلفة دولار واحد لتحلية متر مكعب من المياه المالحة ما زالت عالية نسبياً لإنتاج مياه الشرب.



علاوة على ذلك، فإن تحلية مياه البحر عملية مستنفدة للطاقة، إذ تستهلك الطاقة ثماني مرات أكثر من مشاريع المياه السطحية، وتستحوذ على نسبة تتراوح بين 10 و 25 % من استهلاك الطاقة في مجلس التعاون الخليجي. ويُضاف هذا إلى مشاكل استهلاك الطاقة التي تعاني المنطقة منها أصلاً، كما أن عملية التحلية تحتم إعادة الملح إلى الخليج العربي والمصادر المحيطية الأخرى، ما يضرّ بالثروة البحرية ويخلف مخاطر بيئية جديدة، وهناك احتمال أن تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من 100 مليار دولار في قطاعات المياه فيها بين عامي 2011 و 2016، وسيُخصص جزء من هذه الاستثمارات لتحسين تقنيات تحلية المياه المالحة، مما قد يتطلب اللجوء إلى الطاقة الشمسية أو إلى طرق جديدة لتصفية الملح أو جعله يتبخر، ومن أكثر التقنيات الواعدة في هذا الإطار لناحية المحافظة على البيئة، تقنية التناضح العكسي التي تستخدم الأغشية لتصفية الملح مادياً أو كيميائياً.



غير أنه يجب تكييف هذه العملية مع درجات الحرارة العالية في دول مجلس التعاون الخليجي وملوحة مواردها المائية، ويمكن أن تتبنى الحكومات الخليجية أيضاً خطوة ناجعة تقضي بتخصيص جزء من استثمارات قطاع المياه لدعم تطوير صناعات التحلية المحلية، وهي خطوة يمكن أن تستفيد من المعرفة الوطنية المتوفرة وتحفّز الابتكار. كما يمكن لتوطين صناعات التحلية أن يستحدث للمواطنين وظائف تتطلب مهارات عالية، ما يحقق هدفاً منفصلاً بذلت المنطقة جهوداً لتحقيقه.



إعادة استخدام المياه



يتعين على دول مجلس التعاون الخليجي زيادة استخدامها لمياه الصرف الصحي المعالجة. والمياه المعاد استخدامها كما يُصطلح على تسميتها لا تُستخدم للشرب، نظراً إلى أنها تكلّف ثلث ما تكلّفه المياه المحلاة، فهي بديل جيد للأنشطة مثل صيانة المساحات الخضراء في محاذاة الطرقات العامة، وريّ المحاصيل غير الغذائية، وتبريد المناطق، وتبريد معدات توليد الطاقة في المنشآت الصناعية.



تحقيق فائدة كبيرة ليست دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الأوسع نطاقاً وحيدة في ما تعانيه من نقص في المتساقطات والمياه الجوفية لتلبية احتياجاتها الحالية والمستقبلية، فالمياه العذبة مشكلة في العديد من البلدان –بما فيها فنزويلا وكوبا وأثيوبيا– الأمر الذي يجعل شح المياه مشكلة عالمية.



ونتيجة لذلك، يعمل العلماء والحكومات في جميع أنحاء العالم على إيجاد الحلول. وفي أفضل الحالات سيؤدي التقدم في دول مجلس التعاون الخليجي إلى تقدم في أماكن أخرى ويتكامل معه في الوقت عينه. وفي حال لم تنخرط دول مجلس التعاون الخليجي بفعالية في البحث ولم تطبق سياسات المياه وتدعم الاستدامة، ستكون العواقب وخيمة، أما في حال أقدمت على ذلك، فإن "الفائدة ستكون كبيرة" على حد تعبير فياض.




أكثر... (http://sabq.org/5Ibfde)