منتديات اشراق العالم

منتديات اشراق العالم (https://vb.eshraag.com/index.php)
-   اشراقات (https://vb.eshraag.com/forumdisplay.php?f=539)
-   -   نحن لا نسكن البيوت ! (https://vb.eshraag.com/showthread.php?t=570913)

alfares 11-27-2016 07:35 PM

نحن لا نسكن البيوت !
 
قراءة وتحليل لقصيدة الشاعر حيدر العبدالله التي ألقاها امام الملك سلمان في المنطقة الشرقية

وطن دون حوضه نتفانى
وعن العيش فيه لا نتوانا

يبدأ الشاعر بإجابة لسؤال غائم وغائب : ما وطنك ؟ ،
ليجيب : هذا وطني مهما حدث من حوادث فلن نرضى بالعيش في سواه,
ولن نتوانا بالدفاع عنه ،
وبهذا البيت تبدأ القصيدة متأرجحة وعائمة في تأرجح بين الحب والعتب...
رب حيٍ عليه ظل شهيدا
في هواه ويومه ماحانَ
وشهيدٍ له ومازال حيًا
بين أرواحنا وعبر دمانا

يستمر الشاعر في وصف الوطن ، ويتغنّى بمن يسكنه ، ويقول : كل الأحياء على وطني شهداء لأنهم ( ماتوا في حبه ) وهنا يستحضر مقولة : من الحب ماقتل ، وفي المقابل يتغنى بالشهداء الحقيقيين (شهداء الواجب) وكيف أنه لا زالت بطولاتهم وذكراهم حية في قلوب الشعب...
لا تقلّ الحياة فيه عن الموت
فداه إن لم تجاوزه شانَ

هنا يبدأ الخوض في سوداوية المعنى المغلّف بالرقة والحب للوطن ، ويقول: أن الوطن حياة وأيضا هو موت لنا والحياة والموت فداء لوطني ... ولكن بعد التعمق في معنى المعنى يظهر لنا أن هذا الوطن فيه الموت والحياة سواء ...!
فبلادٌ تنمو أضرّ وأودى
بمرام عدوها أحيانا

يقول : بأن إزدهار البلاد هو ( الشوكة في حلق العدو) الذي يضمر الغيض والبغض والحسد، ويبعده عن مبتغاه في الإطاحة بها...
ستظل البلاد خضراء خضراء
تُظلّ النبات والإنسانَ

يستمر الشاعر في التغني بالبلاد - بحذر تام خوفًا من انكشاف المعنى المبتغى - ، ويستعير لون العلم الأخضر ويدمجه بلون الأرض كناية عن الجمال.. وهنا لا بد أن نشير إلى جناس جميل استخدمه الشاعر بين ( تَظلّ ) و (تُظِّل )...
وستحيا البلاد أرضًا وشعبًا
طالما أن شيخها سلمانَ

هذا البيت واضح ، ويعبّر عن الولاء للملك ، والحقيقة لا أعلم لماذا اختار الشاعر مفردة : ( شيخها) ولم يقل (مليكها) ، مع أنّ الوزن لا يتضرر...
المليك الذي يحب كلينا
والمليك الذي نحب كلانا

أي المليك الذي يحب ( الأرض والشعب ) ، والمليك الذي نحب نحن وهو الوطن ...
والذي حوله نلف الأيادي
والذي حوله نتدانا

هنا يعبّر الشاعر عن حب الشعب للملك ، واقترابهم منه ، وولاءهم التام له...
منذ زدنا تنوّعا في المعاني
لم تزدنا يديه إلاّ احتضانا

يبدأ الشاعر في نسج المعنى الذي يريده ، ويقصد السنة والشيعة ، وكأنّه يقول بلسان الشيعة : إننا نعاني ... والذي وضّح لنا ذلك البيت التالي :
إييييه سلمانُ مرحبًا في حشانا
يامنى أرضنا وأرض منانا

مفردة ( إيه ) للنداء وتأتي بمعنيين في اللغة : بمعنى امض في الحديث ولا تسكت، وتكون للكفّ والإسكات بمعنى حسبك ، والظاهر هنا أن الشاعر يقصد بها استمر بكل حرقة...
أنا مخطوطةً من الشعر تروي
لك ماكنت في القلوب وكانَ

ينصرف الشاعر عن المعنى السابق ويخرج ليفتخر بمقدرته الشعرية ، وكأنه يطلب شيئا ما .. دعما وتشجيعا له ...
ياأبانا وحسبنا حين تحصى
أمم اليتم أن تكون أبانا

في هذا البيت يتّضح المعنى المغلّف ، وهو مايعانيه الشيعة ( حسبما ذكر الشاعر ) من اليتم والاستفزاز ، لم يوفّق الشاعر في هذا البيت .. فكيف يقول : يا أبانا ، ومن ثمّ يقول اليتم !
هل الأب مات ؟!
كيف مات وهو يخاطب الملك الذي أمامه ؟!
وإن كان يقصد اليتم ( بموت الأمّ ) والأم هنا كناية عن البلاد ، فهذا المعنى أدهى وأمرّ ...
خيمةٌ في الهجير كنت وفي
البرد وفي جوفها تنام قرانا

لا يزال الشاعر ينزف من بئر مملوءه بأتربة تطفو على ماءها ، بالرغم من قوة الصور الشعرية ، والتمكّن في الإبحار في أمواج الخيال والوصف والتشبيه والإستعارة والكناية...
كنت طيفا ألوانه نحن والماء
على الأرض يشرب الألوانَ

يشبه الملك بقوس قزح وألوانه الشعب ، والماء هو خير وازدهار هذا الوطن ، هنا تشبيه جميل ولكن لا يليق بمقام المدح في الملك...فالطيف يشير في أغلب الأحيان إلى الشبح الطائف الذي يتلاشى بسرعة ...
فالحنايا وهبتنا إياها
والحنايا وهبتها إيانا

أي أنك احتويتنا واحتويناك ، وهنا تكرار في المعنى بين الشطرين ...
نحن لا نسكن البيوت ففينا
ملكٌ في فؤاده سكنانا

لعبة شعرية جميلة ، وهي تورية لمعنى بعيد يريده الشاعر ويفهمه المتعمّق في هذا البيت ، وربما يكون هنا ( شكوى وطلب ) يرغبه الكثير من أبناء الوطن ...
نحن لا نرتضي سواه وندري
أنه لا يريد شعبا سوانا

يسترسل الشاعر في الطلب والشكوى ، ويغلّف معناه بخروج ذكي ويقول: مهما حصل فنحن لا نريد إلا أنت وولاءنا لك ...
نحن في عينه فلا عجب أنّ
له داخل العيون مكانا
نحن لولاه لاننام وندري
أنه يرقد الدجى لولانا

يستمر الشاعر في مدح الملك ، وتبيان قدره في قلوب الشعب ويقول : أن مكانه في أعيننا ومكاننا في عينيه ، ونحن لانهنئ بالعيش والأمن بدونه، وهو لاينام الليل من خوفه على شعبه وأرضه...
ساهرٌ كم يظل خوفا علينا
ووليّاه يحميان حمانا
ووليّاه يملآن لنا الفجر
المندّى تسامحٌ وأمانَ

ينتقل بالمدح إلى أولياء العهد، ويذكر بأنهما الشمس التي تبث نور الأمن في البلاد ، وكأنه يريد من مفردة ( تسامح ) أن يلفت الانتباه لما يحدث من بعض الخارجين من الشيعة والذي يحاولون غرس رمح البلبلة في البلاد ، ويحاول أن يبعث رسالة لولاة الأمر مفادها : ( لا تؤاخذون الجميع بما فعل شرذمة لا تمثلنا )...
وسعودٌ أميرنا وسعودًا
لانزكي لأنه أزكانا
أدمنته نخيلنا وقرانا
مطرًا فوقهن واطمئنانَ

هنا ينتقل الشاعر لمدح أمير المنطقة ، ويشبهه بالمطر الذي يسقي النخيل والقرى ...
هكذا تجبل البلاد على الحب
بكم كلما الغمام سقانا
وتظل البلاد مرعى أمانينا
ومجرى أفراحنا وشجانا
وردةً نرتدي شذاها وقبرًا
نشتهيه إذا الحمام اشتهانا
وستحيا البلاد أرضا وشعبا
طالما كان شيخها سلمانَ

انتقل الشاعر في هذه الأبيات للإشادة بولاة الأمر ، وكيف جبلت قلوب الشعب على حبهم ، وذكر بأن هذا الوطن هو الحياة والموت ولن نفرط به مهما كان .

القصيدة جميلة وفيها خيال متّسع ومنسّق وصور شعرية وبلاغية مثيرة , وقد حاول البعض في وسائل التواصل الانتقاص من فخامتها وقوتها , أردت ان أبيّن مقدرة الشاعر وتمكنه من أدواته الشعرية في هذه القراءة المتواضعة...
ولكن ياترى لماذا لم ينسب الشاعر الوطن لنفسه ؟
لماذا لم يقل : ياوطني ، يابلادي ، يا أرضي ؟!
هنا علامات استفهام كبيرة حول هذا ،وحول ماذكرت في استنتاج معنى المعنى من بعض الأبيات السابقة ، تمنيت أن الشاعر الجميل حيدر العبدالله تلافاها إن لم تكن مقصودة !

شكرًا لقراءتكم .

مراسل المنتدى 11-27-2016 07:53 PM

رد: نحن لا نسكن البيوت !
 
شكرا لك ابدعت اخوي في القراءه والتحليل
وتوضيح بعض الاشكليات في القصيده

alfares 12-04-2016 08:15 PM

رد: نحن لا نسكن البيوت !
 
مرحبا بك وبالزوار الكرام


الساعة الآن 09:49 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi