عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-05-2007, 02:46 AM
قمرهم كلهم قمرهم كلهم غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Dec 2006
المشاركات: 5,936
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد.

المحرمات من النكاح قد بيَّنَهن الله تعالى في القرآن بيانا واضحا، ولكن العلماء توسعوا في التسمية، الله تعالى يقول: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ الأم تدخل فيها الجدة ؛ لأن الجدة أم أم، أو أم أب فتكون محرمة أيضا، وإن بعدت، وإن كانت جدة أب، أو جدة جد، أو نحوها هذا معنى قوله: وإن علون، أي: وإن كانت الجدة بعيدة منه، فإنها محرمة عليه، وهو محرم لها.

الثاني: قوله: وبناتكم البنت يدخل فيها بنت الصلب التي هي بنته من امرأته، ويدخل فيها أيضا بنت ابنه وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت بنت ابنه، وبنت ابن ابنه، وإن نزلن ؛ وذلك لأن الجميع ينتسبون إليه، هؤلاء محرمات إلى الأبد، ولو من بنات البنات يعني بنت البنت، أو بنت بنت البنت، وكذلك بنت الابن، أو بنت بنت الابن هؤلاء محرمات إلى الأبد.

الأخوات: الأخوات يدخل في قوله: وأخواتكم الأخت الشقيقة، والأخت من الأب، والأخت من الأم ؛ لأن الجميع تسمى أخت، بناتهن، الله -تعالى- يقول: وَبَنَاتُ الأَُخْتِ بنت الأخت الشقيقة، أو بنت بنت الشقيقة، أو بنت ابن الشقيقة، أو بنت بنت ابن الشقيقة، وإن نزل أبوها، أو وإن نزلت أمها الجميع محرمة، وكذلك بنت الأخت من الأب، أو بنت بنتها، أو بنت ابنها، أو نحوهم، وكذلك بنت الأخت من الأم، أو بنت بنتها، وإن نزلن، كذلك بنات الأخ، بنت الأخ الشقيق، أو لأب، أو لأم، وبنت ابن الأخ، وبنت بنت الأخ وإن نزلوا.

أما العمة فلا فروع لها إلا أنها تنقسم إلى عمة شقيقة، عمة لأب، عمة لأم أخت الأب من أبويه، أخت الأب من أبيه، أخت الأب من أمه، أما بناتهن فلسن محارم لسن محرمات يعني: يحق له أن يتزوج بنت عمته.

كذلك الخالات ثم قوله: الخالات: الخالة يدخل فيها أخت أمه الشقيقة، أو أختها من الأب، أو أختها من الأم، لكنه يقول: والخالات يعني والعمات والخالات له، أو لأحد أصوله، ما معنى لأحد أصوله ؟ عندنا أخت أبيه تسمى عمة عمته، أخت جده تسمى عمة أبيه، أخت جد أبيه تسمى عمة جده وهكذا، أخت جدته أم أبيه، أو أم أمه تسمى أيضا خالة، خالة أمه وخالة جدته، فالحاصل أن العمة يدخل فيها عمته، وعمة أبيه وعمة جده، وعمة جد أبيه وإن نزلوا.

والخالة تدخل فيها خالته أخت أمه، وأخت جدته، وأخت أم جدته وأخت أم أم جدته، وهكذا الجميع خالات، يعني الله تعالى ذكر الخالة والعمة، ولكن أطلقوها، فأدخلوا فيها البعيدة والقريبة.

فهؤلاء سبع من النسب يعني من القرابة ومن الرحم: الأم، والبنت أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأََخِ وَبَنَاتُ الأَُخْتِ هؤلاء سبع من النسب. السبع الأخرى سبع من الرضاع، وأربع من المصاهرة:

السبع من الرضاع نظير السبع من النسب، فأمه التي أرضعته هذه تكون محرما له، وبنتها التي رضعت من زوجته محرما له أيضا، وأخته التي رضعت من أمه محرما له، أو رضعت من زوجة أبيه محرما له، وكذلك التي رضعت من أخيه محرما له، أو رضعت من أخته محرما له، أو أخت أبيه من الرضاعة يعني رضعت من جدته أم أبيه، أو رضعت من جدته، أم أمه هؤلاء السبع، سبع من الرضاع يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.

أربع من المصاهرة الله تعالى ذكر قوله: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ هذا إذا تزوجت امرأة، ولو لم تدخل بها: حرمت عليك أمها مطلقا، ولو طلقت البنت قبل الدخول ولو ماتت قبل الدخول، أمها تكون محرما لك أبدا.

أما بنتها فإنها لا تصير محرما لك إلا إذا دخلت بالأم، إذا كان للزوجة بنات من غيرك، فإنهن محرم لك بشرط أن تدخل بأمها، والله تعالى ذكر ذلك وفصَّل في قوله تعالى: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فإذا تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، أو ماتت قبل أن يدخل بها جاز أن يتزوج بنتها؛ لأنها لم يكن لها به قرابة تحل له بنتها، ولا تحل له أمها كما ذكروا.

يعني قوله: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ يدخل في أمها جدتها أم الأم، جدتها أم أبيها، وإن علت ويدخل في قوله تعالى وربائبكم يدخل فيها بنت زوجته وبنت بنتها، وبنت ابنها، فإذا كان لزوجتك بنت وابن من غيرك قبلك، أو بعدك فإن بنتها وبنت بنتها محرم لك وكذلك بنت ابنها.

ولو طلقتها تزوجت امرأة وطلقتها ونكحت زوجا آخر، وأتت منه ببنات فإن بناتها من بعدك محارم لك ولو لم تكن ربيبة، وإنما ذكر كونها ربيبة بناء على الأغلب، الغالب أن بنت الزوجة تتربى في حجره مع أولاده، ولكن قد لا تتربى، قد تكون عند أبيها، لا تتربى عنده، ولكن لما كانت بنت زوجته حرمت عليه وكذلك بنت ابن زوجته هذه بنتان.

وكذلك زوجات الأباء، وزوجات الأبناء، هذه أربع: زوجة أبيك وزوجة ابنك ويدخل في أبيه في قوله تعالى: وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ يدخل في "آباؤكم" الأجداد، فزوجة أبيك ولو بعد طلاقه، أو بعد موته محرم لك، وكذا زوجة جدك أي جد، زوجة جدك أب الأم، وزوجة جدك أب الأب كلهن محارم لك؛ وذلك لأن الجد يسمى أبا، ولو لم يكن وارثا ؛ لأن الأب اسم لمن له ولادة، فالله -تعالى- ما ذكر إلا الأباء في قوله تعالى: أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ لما ذكر المحارم قال: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ بعولتهن: يعني أزواجهن، فيباح لها أن تكشف لأبي زوجها، وكذلك جده، وجد أبيه وجد أمه، يباح له أن تكشف لابن زوجها وابن ابنه وابن بنته، وإن نزل لعموم هذه الآية: أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ وكذلك أيضا قوله: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ حلائلهن يعني زوجاتهن وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ زوجات الأبناء وإن نزلن.

ثم إن المؤلف يقول: "من نسب، أو رضاع" زوجات الأبناء وإن نزلن، أو الأبناء وإن نزلوا، زوجات الابن وإن نزل من نسب، أو رضاع.

زوجة الابن من الرضاع وزوجة الأب من الرضاع هذه فيها خلاف، المؤلف ابن سعدي يرى أنها تحرم، وأن أباك من الرضاع تكشف له امرأتك، وابنك من الرضاع تكشف له امرأتك، ولو لم تكن أرضعته، لو كان لك زوجتان فأرضعت إحداهما صبيا نفرض أن اسمه أحمد، ثم كبر أحمد هذا، وكان له أولاد فإنه محرم لزوجتيك التي أرضعته والتي لم ترضعه؛ ذلك لأنه ابنك، فيكون داخلا في قوله: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ويكون داخلا في قوله: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الأبناء يدخل فيها الابن من الرضاع والابن من الولادة.

لكن أشكل قوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ فقد يقال: إن الابن من الرضاع ينسب إلى الصلب؛ وذلك لأن اللبن يتحلل من الصلب، ومن الجسد كله، واللبن الذي في المرأة سببه هذا الولد أي: سببه هذا الرجل الذي حملت المرأة من مائه الذي من صلبه، فوجد هذا اللبن الذي هو سببه، فيكون اللبن منهما جميعا وهو من الصلب.

وقد فهم بعض المشايخ من هذه الآية أنه لا يدخل فيه الابن من الرضاع لقوله: مِنْ أَصْلابِكُمْ ومنهم الشيخ محمد بن عثيمين يرى أن الابن من الرضاع لا يكشف على زوجة أبيه من الرضاع يخالف شيخه هنا، فإن ابن سعدي هو شيخه يخالفه هنا، ويتقيد بقوله: مِنْ أَصْلابِكُمْ .

المفسرون للقرآن جعلوا الابن من الرضاع مثل الابن من الصلب، وقالوا: إن الصلب موجود، وإن الرضاع سببه هذا الرجل، فهو من صلبه، يعني: ينسب إليه وإن لم يكن وارثا، ثم قالوا: إن الآية أخرجت المتبنى وهو الدَّعِي، وقد كانوا في الجاهلية يتبنى أحدهم شخصا، ويسميه ابنه، فأخرجت الابن المدعى الذي هو الذي يسمى دَعِيًّا ويسمى متبنى، أخرجته كما أخرج في سورة الأحزاب، في قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ فالآية لإخراج الدَّعِيّ، وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ .

وكانوا في الجاهلية إذا رأى أحد منهم طفلا أعجبه نباته أعجبه حسنه وأعجبه جماله تبناه، وقال: أشهدوا أن هذا ابني فيصير دَعِيًّا، ويصير ابنا له وينسب إليه ويرثه، فنسخ الله ذلك وكان منهم زيد بن حارثة، ابن حارثة كان يدعى زيد بن محمد ؛ لأنه لما أعتقه -عليه الصلاة والسلام- تبناه فنسخ الله قرابته وأنزل فيه قرآنا في قوله تعالى: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ أدعياؤهم يعني الذين يسمونهم أبناء لهم وهم ليسوا بأبناء، وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ وأنزل فيهم أيضا قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لآَبَائِهِمْ فلما نزلت قال زيد بن حارثة: أنا زيد بن حارثة، وقد كان يدعى زيد بن محمد الآية في قوله: الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ إنما هي لإخراج المتبنى؛ لأنه ليس ابن لا من صلب يعني لا من ولادة ولا من رضاعة.

فالحاصل أن المحرمات تحريما مؤبدا، ذكر منهن نحو ثمانية عشر: الأم من النسب، والأم من الرضاعة، والبنت من النسب، والبنت من الرضاعة، والأخت من النسب، والأخت من الرضاعة، وبنت الأخت من النسب، وبنت الأخت من الرضاعة، وبنت الأخ من النسب، وبنت الأخ من الرضاعة، العمة من النسب، العمة من الرضاعة، الخالة من النسب، الخالة من الرضاعة، هؤلاء أربعة عشر يقال: قرابتهن نسب، أو رضاعة.

أما اللاتي من المصاهرة فهن: أم الزوجة، وبنتها، إذا كان قد دخل بها وزوجة الأب، وزوجة الابن هؤلاء ثمانية عشر.

يقول: الأصل في هذا قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ إلى آخرها وقوله -صلى الله عليه وسلم-: يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة، أو من النسب متفق عليه.

أما المحرمات إلى أمد يعني إلى أجل يعني: ليس تحريمهن دائما منهن: قوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأَُخْتَيْنِ الله تعالى حرم أخت الزوجة في هذه الآية؛ ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرم بنت أخيها وحرم بنت أختها وحرم عمتها، وحرم خالتها، فإذن يكون المحرمات إلى أمد أخت زوجتك تحرم عليك ما دامت زوجتك عندك، عمتها، خالتها، بنت أخيها، بنت أختها، هؤلاء محرمات إلى أمد، فمتى طلقت زوجتك، أو ماتت فإنه يحل لك أختها، أو عمتها، أو خالتها، أو بنت أخيها، أو بنت أختها لزوال السبب.

السبب أنه -صلى الله عليه وسلم- لما حرمهن قال: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم العادة أنه إذا جمع بين زوجتين، فإن الزوجتين يكون بينهم حقد وبغضاء ومنافسة، وربما يؤدي ذلك إلى تهاجر وإلى تقاطع؛ أنهما يسميان ضرتين، كل واحدة تحرص على ضرر الأخرى، أو ترسل إليها ضررا، فإذا كانتا أختين فلا شك أنهما سوف يتقاطعان ويتنافسان، فيكون ذلك قطيعة رحم.

كذلك إذا كانت عمتها، خالتها، بنت أخيها، بنت أختها، فإنها بلا شك قد تهجرها وتسيء الظن بها وتحسدها، وتتكلم في عرضها، وتقدح فيها، وتتكلم فيها عند زوجها، وتقول: إنها فعلت وإنها فعلت ؛ لأنها ضرة، فهذا هو السبب في تحريمه الجمع بينهن.

لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها، سواء كانت الأولى هي الصغيرة، فينكح عليها عمتها، أو خالتها، أو الأولى هي الكبيرة العمة، أو الخالة فينكح عليها بنت أخيها، أو بنت أختها، أما قوله: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأَُخْتَيْنِ يقول: ولا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع، الله -تعالى- حدد للرجل أربع قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ وقف الحد عند الأربع أي: إن شاء اثنين، وإن شاء ثلاثا، وإن شاء أربعا بشرط وهو العدل، فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ .

إذا كان يخشى ألا يعدل بين زوجتيه فإنه يقتصر على واحدة، ولا يجوز له أن يزيد إذا كان لا يعدل بينهن، الله تعالى أباح الأربع، أو ثلاث، أو ثنتين بشرط العدل، العدل في القسمة وفي النفقة وفي المبيت، وما أشبه ذلك، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم بين نسائه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلومني فيما تملك ولا أملك يعني: القلب، يعني لا يقدر أن يسوي بينهن في المحبة، ولكن في الأفعال يلزمه أن يسوي بينهن، فإن خشي ألا يسوي بينهن، فإن عليه الاقتصار على واحدة.

يقول: ولا للعبد أن يجمع بين أكثر من زوجتين ؛ لأن العبد على النصف من الحر، فلا يتزوج أكثر من اثنتين.

يقول: أما ملك اليمين فله أن يطأ ما شاء، إذا كان له مملوكات فله أن يطأ ولو خمسا، أو ستا، أو سبعا، أو عشرا ؛ لأن الله -تعالى- أباح ذلك بقوله: فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يعني أنه يستمتع بمملوكته وبمملوكتيه وبمملوكاته، وليس عليه أن يسوي بينهن، ولا أن يعدل بينهن، بل يحل يه أن يطأ من يريد منهن.

إذا أسلم الكافر وتحته أختان، أو أكثر من أربع اختار، فمن ذلك قصة فيروز الديلمي أسلم قال: أسلمت وتحتي أختان فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- اختر إحداهما وذلك لئلا يجمع بين محرمتين، الأختين الجمع بينهما محرم أمره أن يفارق واحدة، فارقها حرمها على نفسه وبقيت الأخرى زوجة له، قال: أختار هذه وأترك هذه.

كذلك أيضا أسلم رجل يقال له: غيلان وعنده عشر كانوا في الجاهلية يأخذون إلى غير عدد أسلم وعنده عشر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اختر منهن أربعا وفارق سائرهن وكانت كل منهن تريد أن تبقى معه، ولو كن كثير وكان له أولاد منهن، فلما جاء وأخبرهن أخذت كل واحدة تقول له: اتق الله في صحبتي، اتق الله في ولدي، اتق الله في قرابتي، ولكن ليس له بد من المفارقة ففارق ستا وأمسك أربعة، هذا ثابت عنه.

ذكروا عنه أنه لما كان في عهد عمر -رضي الله عنه- وكبر سنه، طلق زوجاته الأربع كلهن، وفرق أمواله على أولاده، فأُخْبِر عمر -رضي الله عنه- أنه قصد بذلك حرمان الزوجات فاستحضره وقال: لتراجعن زوجاتك ولتستعيدن أموالك، ولأمرن بقبرك أن يرجم كما رجم قبر أبي رغال، يعني لو مات على ذلك لأمر به أن يرجم علمه بأن يستعيدهن، وهذا يدل على أنه لا يجوز الطلاق قرب الموت، أو في مرض الموت، وإن فعل فإن للمطلقة ميراثها.

يقول: وتحرم المحرمة حتى تحل من إحرامها، وتقدم من محظورات الإحرام عقد النكاح لقوله-صلى الله عليه وسلم-: لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب فذلك لأن المحرم متلبس بعمل صالح، وهو هذا النسك، ومأمور بأن يبتعد عن الترفه، ومن جملة الترفه ما يتعلق بالنساء، ولذلك قال الله: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وفسر الرفث بأنه ما يقال عند النساء، أو ما له الاتصال بالنساء، فحرم النبي -صلى الله عليه وسلم- على المحرم أن يتزوج ما دام محرما، أو على المحرمة أن تُزوج ما دامت محرمة، الولي المحرم لا يعقد، والزوج المحرم لا يتزوج، والمرأة المحرمة لا تُزوج حتى تتحلل.


يتبع
رد مع اقتباس