عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-23-2017, 04:38 PM
alfares alfares غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 36,031
إرسال رسالة عبر ICQ إلى alfares إرسال رسالة عبر MSN إلى alfares
افتراضي رد: قصائد حيدر العبدالله - ديوان الشاعر حيدر العبدالله - حيدر العبدالله أدب - شعر حيدر عبدالله صور

العطر



العِطْرُ يمْلَؤُهُ الصهيلُ

وتعيشُ داخِلَهُ الخُيُولُ

فتْحٌ بِهِ يَعِدُ النّدى

وتَشِي البُحَيْرَةُ والخَميلُ

أنّ الأزاهِرَ أُمّةٌ

والعطرَ بيْنَهُمُ رسولُ

هوَ رَدْهَةٌ ترْتاحُ فيها الريحُ

والأنْثى تَقيلُ

وخُرافَةٌ

يُلْقي علينا السحرَ كاهِلُها الثقيلُ

هُو حُجْرةٌ للحبِّ

نافذةٌ لهُ

وهُو الذُّهُولُ!

وهُو اشْتِهاءٌ عاشِرٌ

جَسدٌ يُمَسِّدُهُ الفُضُولُ

لَتَكادُ رائحةُ الحياةِ تَسيلُ منْهُ

ولا تَسيلُ!

أسْرارُهُ سُحُبٌ

يُغازِلُها بلا كَلَلٍ هُطُولُ

حتّى إذا ما دُوْلِبَ المِفْتاحُ

وانْطَفَأَ الفَتيلُ؛

فاحَتْ

وباحَتْ

بالذي كانت تُبخِّرُهُ النّخيلُ

إيهٍ أيا قُبَلَ الفَراشِ

متى تغشّاها الأصيلُ

يا عطْرُ

يا شَفَةً تمَرَّغَ في لَمَاها السلْسبيلُ

يا زخَّةَ الفَرَحِ الخَفيفِ

ويا حِكاياتٍ تطولُ

ما أنتَ

إلّا رغبةٌ في البَوْحِ

تكتُمُها الحُقولُ

أو دُكْنَةٌ في القلْبِ

ينساها مع الليلِ الأُفُولُ

للعِطْرِ ما للطفْلِ

أخيِلَةٌ

وذاكِرةٌ بَتُولُ

العِطْرُ شيءٌ لا يُشَمُّ!

يَـــشُـــمُّ..

لا يُحْكى!

يـَــقـــولُ..




نزهةٌ بين جنبيك



....إلى محمد العلي.. شاعرا ومفكرا عربيا

.

.

عندكَ الضّوءُ

والجريدُ لَديّا

فتوقَّدْ لنصْنَعَ الظّلَّ هيّا!

شُعَّ حولي

ولا تُشِعَّ خِلالي!

فالعصافيرُ داخلي تَتَفَيّا

(بئرُكَ المستحيلةُ) الآنَ فاضتْ،

وغدَا مُشْمُشي بها مسْقِيّا

ضُمّ عُمْري إلى حياتِكَ

مدِّدْ بثوانيهِ عُمْرَك الضوئِيّا

رُبّ سيجارةٍ أضأتَ

ولو كانَ بوُسْعي

أعرْتُها رِئَتيّا

خُذْ شبابي ووثْبتي

وتخيّلْ بخيالي

وقُلْ على شفتيّا

والركودُ الذي على الصوتِ بدّدْهُ

وأكملْ هُطُولكَ اللغَوِيّا

والغموضُ الرتيبُ أسكرْهُ بالرمْزِ

وقطِّرْ غُمُوضَكَ الخَمْرِيّا

وامتزجْ بي

(لا ماءَ في الماءِ)

إلّا دمعَةُ الوعْيِ ألهبَتْ مُقْلَتَيّا

هاكَ سُهْدي

وهاتِ فجْرَك،

نَخْبِزْ منهُما يا أبي شُرُوقًا شَهيّا

مثلما تشْتهيهِ (فيْرُوزِيّا)

أوْ كما أشْتهيهِ (درْويشيّا)

أخرجِ الكونَ منكَ

حسبُك منهُ قريةٌ تستحمُّ فيكَ و فيّا

قريةٌ كالحياةِ

كالفقرِ

كالنسْيانِ

كالحبِّ بُكرةً وعشيّا

لحظةٌ تقطفُ الفؤادَ من السُّقمِ

وتُنسيكَ همَّكَ العَربيّا

آهِ ما أطيبَ المضيَّ إلى لاشيءَ

والنومَ ناسيًا مَنْسيّا

حين تَنسى

وحين تُوغلُ في المعنى

ويمضي بك الخلودُ حَفيّا؛

اِخلعِ الناسَ

والحضارةَ

والتاريخَ

إلّا إنسانَكَ القَرَويّا

اِحتضنْهُ بضحكةٍ منكَ تُحيي دَمَه

لا تُروّعِ الآدميّا!

دعْه للشعرِ والأساطيرِ

فالشعرُ بخيرٍ ما دامَ أُسْطُوريّا

وبخيرٍ ما دامَ شعرًا حريًّا بالأغاني

وبالشجَى معْنيّا

وبخيرٍ مادامَ يُوجعُهُ العيشُ

وما دامَ يومُهُ محْنيّا

دعْك منهُ

وانظرْ إليّ

وقل لي ما ترى

هل ترى غدًا طَلليّا؟

هلْ ترى ليلةً تنوحُ على الأمْسِ؟

وتحثُو تُرابَه الروحيّا؟

يا (صلاةَ النبيِّ)

صلّيتُ حتّى نمتُ

حتّى أيقظتُ فيك النبيّا

أرأيتَ الرمادَ لو عادَ نارًا..

هل يعودُ المزمارُ غُصنًا طريَّا؟

إنّني واقفٌ هنا بين جنبَيْكَ

وأحسُو شرودَك المغليّا

منذُ أن ذُبتُ في عُروقِ المرايا

ووَلجتُ ارتيابَك الكونيّا؛

وكلانا على الكمنجةِ يمشي ويغنّي

وللّظى يَتهيّا

كالمواعيدِ شاخصَينِ إلى الساعةِ

والوقتُ لا يُريدُ المُضيّا

وإلى الحقلِ ساريَيْنِ

تُداري بالقناديلِ تيهيَ الطفليّا

لنسافرْ معًا

وسِيّانِ عندي

شئتَ (بيروتَ) أوْ أردتَ (الغَريّا)

نزهةً فيكَ

عودةً منكَ

شِعْرًا عنكَ

عنّي

منّي

ذهابًا إليّا

جهةٌ لمْ يفُضَّها الطيرُ يومًا

لا

ولا كان دربُها ممشيّا

قد أرى كلَّ خَطْوتين بلادَيْنِ

فأرمي عليهما قدَميّا

قد أُغالي إذا انتميتُ

لأنّي لم أعدْ من هُويّتي منفيّا

عدمًا كنتُ كالغبارِ

هَباءً في هَباءٍ

وها أنا أتَشَيّا!

إنّني واقفٌ هنا بين جنبَيْكَ

وأشجُو

صبابَةً لا نعيّا

لا أراني

ولا أراكَ كما كُنتُ

أنا لستُني

ولستَ (العَليّا)

أنت أدنى من الخيالِ

وإن كنتَ على قبضة المجازِ عَصيّا

لستُ أدري وقد تقحّمتُ أحلامَكَ

هل كنتَ شاعرًا؟

أم كمِيّا!

وأنا فيكَ (كابنِ خلدونَ)

غرقَانَ!

كلانا يموتُ تاريخيّا

والسنونُ التي أشابتْكَ

إنّي لأراها أمامَ عينيْ جثيّا

(وأدونيسُ)

في حديقة عينَيْكَ اصْطخابٌ

لمستُهُ بيَدَيّا

ولمسْتُ الشكوكَ تنمُو

وتخضرُّ على سورِها

سؤالًا جَنيّا

لا تُجِبْني

ولنْ أجيبَكَ

إنّي أستطيبُ السؤالَ لاأدْريّا!

هل؟

متى؟

كيف؟

أينَ؟

ماذا؟

لماذا؟

(لستُ أدري) أنا

ولا (إيليّا)




رُكام



أنامُ

إذا نمتُ

لا لأنامْ!

ولكنْ لكي يستريحَ الظَّلامْ

فما زالَ يزرعُ ألغامَهُ في العظامِ

ويركُضُ فوقَ العظامْ!

يُطاردني كخَيالٍ من الوَحْلِ

فوق البيوتِ

وحولَ الخيامْ

يجفّفُ في رئتيَّ النداءَ

ويأكلُ من شفتيَّ الكلامْ

سَأمنحُ هذا الظلامَ المُراوحَ ريحًا

سأرفعُهُ كالغمامْ!

سَأَغْفُوْ..

عسى أنْ تحُطَّ المهاةُ على جسدِي

ويَبِيضَ الحَمَامْ

سَأُرْخِي رُكَامِي على ساعِدِ الفجْرِ

كَيْ تَسْخَنَ الشَّمْسُ تَحْتَ الرُّكامْ!




برتقاليّةً أحبُّ الهدايا



تتحاشانيَ الطيورُ العَطاشَى

وأنا قمحةٌ

ولا أتَحاشَى

وأنا مَنْ بذَلْتُ حَبِّيَ كَعْكًا

لشِتاهُمْ

وسُنبُلي أعْشاشا

رُبَّ طَيرين خيَّما بين قشِّي

ليلةً خارجَ الزمانِ وعاشا

ونجِيَّينِ وشْوَشا قُربَ مائي

فتجاهلتُ ذلكَ الوَشْواشا

وأنا مَنْ مِنَ الصبابةِ ساقي

بَدَلَ الزهْرِ أنبتَتْ أرْياشا

مُوحِشاتٌ هيَ الفُصولُ

ويبقى الصيفُ عندي أشَدَّها إيْحاشا

اِستردَّ الربيعُ كلَّ حبيبٍ

ومضى..

تاركًا لي الأحْناشا

وغمامًا دَرى بأنّيَ ولهاهُ

وحتَّى لمْ يسْتطعْ إجْهاشا

تحتَهُ هبّتِ السَّمُومُ، وفوقي

والطيورُ اختفتْ!

فجِشتُ وجاشا

كمْ تحيَّنتَ حبَّتَيَّ!

فلمَّا نضجتْ حبَّتايَ

حُبُّكَ طاشا؟

لمَ يا غيمُ لمْ تُسافِرْ مع (الكُركيِّ)؟

فالعينُ قدْ تسيلُ انتِعاشا

أنا عطشانةٌ كذلكَ

لكنْ

هيَ أرضي

ولن أُهاجرَ

حاشا!

فإذا دارتِ الفصولُ

تذكَّرْني

وأحضِرْ لي الغروبَ قُماشا

بُرتُقاليَّةً أُحبُّ الهدايا

تَتَماشَى معي

ولا تَتَماشَى

بُرتُقاليَّةً كأيِّ خريفٍ

عائدٍ بعدَ أن يبِسْتُ ارتِعاشا

كاللظى

حينَ تخبزُ القلبَ للغُيَّابِ كَعْكًا

وقد أتوكَ فَراشا



زفافٌ إلى اللغة



إلى لُغةٍ

أشهى من الكأسِ جيدُها

تحُجُّ المعاني

كلُّ معنًى يُريدُها

كأنّي بها

والثوبُ يغتابُ كَرْمَةً

على صدرِها

قدْ زاحمتْهُ نُهُودُها

تحسَّسَتِ الأنثى التي هيَ

والتي

على ضفّةِ الرمزِ اسْتَحمّتْ وُرُودُها

وطافتْ على الأحلامِ كالمستحيلِ

أوْ

كأُسطورةٍ لا شيءَ إلّا خُلُودُها

ونائمةٍ

أضحى الكلامُ جميعُهُ

لَدَيْها

ولَمّا يصْحُ منها رُقُودُها

وَفَدْتُ أنا والشِّعرُ

أخْطِبُها لهُ

ولمْ ألْتَفِتْ

إلّا وهَبَّتْ وُفُودُها!

فهلْ مدَحَ (الأعْشى) أباها تُراهُ؟

أمْ

لخيمتِها نارٌ طويلٌ عَمُودُها؟

ولسْنا بأضْيافٍ عليها

وإنَّما

صَباباتُ أفكارٍ عليها حُشُودُها

وإنْ برَدَتْ نارُ القِرى أوْ تثاءَبَتْ

فإنَّ الهوى نارٌ

وعارٌ بُرُودُها!

وما ثَمَّ ليلٌ كالقصيدةِ

حيثُما

أُضِيئَتْ لمشتاقٍ

تعَصّى خُمُودُها!

فكيْفَ بها والحالماتُ شرارُها

إذا الْتهَبَتْ

والحالمونَ وَقُودُها؟

وكيفَ بشِعْري يومَ تختارُ وَصْلَهُ؟

وما حالُهُ ما إنْ يَرِدْهُ بَريدُها؟

أيُغْمى عليهِ حينَ يدري بأنَّهُ

على رَغْمِ أولادِ الكَلامِ

وحيدُها؟

***

إلى لُغَةٍ

خَمْرٌ من الوحْيِ ريقُها

ودالِيَةٍ تنمُو

ويَشْتَدُّ عُودُها

دَلَفْتُ

وكانتْ في الأغاني شَريدَةً

فلمْ ينْكَفِئْ لمَّا دَلَفْتُ شُرُودُها

إلى لُغَةٍ

تنْزاحُ عنْ يَقْظتي وعنْ

مَنامي

وفي ظِلِّي وفيَّ وُجُودُها

ودانيةٍ مِنِّي بعيدٌ قريبُها

ونائيةٍ عنِّي

قريبٌ بعيدُها

ولا حَوْلَ لي إلَّا الخيالُ

أزُمُّهُ

شِباكًا على قلْبي

عَسايَ أصيدُها!

ولا مُقْلَةٌ غيرُ المجازِ أرى بِها

فباصِرَةُ الألوانِ

كابٍ حَديدُها!

إلى اللغَةِ /العُرْسِ التي في قصائدي

وليسَ معي أرضٌ عليها أَشِيْدُها

أُسافِرُ

لكنْ لا وُصُولَ

كأنَّها

طريدَةُ بَخْتي

أو كأنِّي طَريدُها

يُساوِرُني الإفْصاحُ

وَهْيَ غريقَةٌ

على خَشَبِ الإيْحاءِ طافٍ نَشيدُها

وما كَسَرَتْني بالسُّكونِ رياحُها

ولا قارِبي

لمْ يخْتَرِقْهُ رُكُودُها!

حرامٌ على البَوْحِ المُباحِ مسامِعي

ولا ضَيْرَ

فالأُنْثى حَياءٌ صُدُودُها!

ولا بُدَّ

إلَّا أنْ يُذاقَ حريقُها

ولا بُدَّ

إلَّا أنْ يُذابَ جليدُها!

أرى البحْرَ منْزُوعًا من الرملِ

حوْلَها

يَجِفُّ

ولمْ تُفْلِتْ من الماءِ بِيدُها!

جزيرَةُ أرواحٍ

ونخلةُ تائِهٍ

متى جاعَ لمْ يبْخَلْ عليهِ جَريدُها

وتَهْتَزُّ

حتَّى يشْبَعَ الصوتُ والصَّدى

ويسْقُطَ منْ تَمْرِ القوافي نَضيدُها

وينْطَفِئُ الإصْغاءُ

وهْيَ تزيدُني

سُكُوتًا

على نَبْرِ اللّظَى

وأزيدُها!


رد مع اقتباس