عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-23-2017, 04:44 PM
alfares alfares غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 36,031
إرسال رسالة عبر ICQ إلى alfares إرسال رسالة عبر MSN إلى alfares
افتراضي رد: قصائد حيدر العبدالله - ديوان الشاعر حيدر العبدالله - حيدر العبدالله أدب - شعر حيدر عبدالله صور

مياهٌ مُبلَّلة



ذِيقَتِ الروحُ

واللّمى ما ذِيقا

وسِوى الرّيقِ لا يَبُلُّ الرّيقا

قطرةٌ رطبةٌ هو الحبُّ

تمْتَصُّ الحنايا

وتسْتَرِدُّ العُرُوقا

تهْطُلُ النارُ في نَداها

ويَسْري

حَطَبُ الماءِ في مَداها حَرِيقا

هُو وجهٌ في مسحةِ الكفِّ

جلْدٌ يتولّى الإنصاتَ والتّحْديقا

همْسَةٌ خارجَ الكلامِ

وصمْتٌ أبَديٌّ

لكنَّهُ موسيقى

يا خيالَ التي عشِقْتُ

أذِبْني

جَسَدًا في خيالِها مدْلُوقا

قريةً في سُهُولها تتمطَّى

أوْ غُروبًا لبحرِها

أوْ شُرُوقا

روحُها غيمةٌ تمرُّ

وحَاشاهَا

بغيرِ انْهمارِها

أنْ تَلِيقا

روحُها الشايُ والحليبُ

ولكنْ

كيفَ لي شُرْبُها

ولا إبريقا!؟

إنما الجسمُ قَصْعةُ الروحِ

فيهِ سُكِبَ الحبُّ

والمحِبُّ أُرِيقا

داخلَ اللمْسِ نِمْتُ

يا سادنَ الأحْلامِ

أرجُوكَ أقفِلِ الصندوقا

داخلَ القُبْلَةِ التي أتَشَهَّى

عالقًا

لم أجِدْ إليَّ طريقا

سابحًا في الخريرِ

أقطعُ نَهْرًا

عَسَلًا

منْ رُضابِها مسْرُوقا

وأجُرُّ الغناءَ من آخِرِ الخِصْبِ

وأستمْطِرُ الشتاءَ السَّحِيقا

وعميقًا

أمُدُّ في مُدُنِ القلْبِ

خيامًا من الضبابِ

عميقا

هكَذا

في فمِ المساءِ انتَصَفْنَا

واكْتملْنا عشيقَةً

وعَشِيقا

لا أقِيها منِّي

ولا أتَّقِيهَا

لسْتُ من يُتَّقى

ولا من يُوقَى

إن فَنِينَا على الهوَى

فكِلانَا

كانَ بالخلْقِ

يا فتاةُ

خَلِيقا

قُبلةٌ في الحياةِ تكْفي!

وما أحْلايَ في قطرةِ الوجودِ

غَريقا





بريدٌ من أم أوفى



إلى (ابنِ أبي سُلْمايَ)

من (أمِّ أوفاهُ)

إليهِ وقد عُوفيتُ من ضَيمِ زُلْفاهُ

إلى مَنْ أغانيهِ خدائِنُهُ

ولا غرابةَ

إذ كانت فُحُولَتُهُ فاهُ!

(لسانُ الفتى نصفٌ)

ونصفٌ لِسانُهُ!

فماذا تبقّى منْهُ والشعرُ نِصفاهُ؟

أعندَكَ قلبٌ يا (زهيرُ)؟ فأيْنَهُ

أم الحربُ تُبديهِ إذا الحبُّ أخفاهُ؟

أنا امرَأةٌ أخرى أحبَّتْ

وكلُّ ما أصابَ خوابيها من الحُبِّ

حرْفاهُ

إلى مَنْ معي في الدارِ لولا شُرودُهُ

فما كانَ لي دارًا

وما كُنتُ منْفاهُ

هواجسُهُ خيلٌ تجوسُ سريرَنا

فلا النومُ ألْفَاني

ولا الوحْيُ ألْفَاهُ

وما غرتُ يومًا من قصائدِهِ كما

على بعْضِها

من بعْضِها

غارَ طَرْفاهُ

أحَوْليَّةً منهنَّ كان يخالُني؟

يُنقِّحُ لي عُمري ويختارُ أصْفاهُ؟

ويُشعل أعراسَ الكلامِ

وإنْ يكنْ

بقنديلِ ذكرانا الذي كان أطْفاهُ؟

أتذكُرُ يا شيخَ (العبيدِ) زفافَنا؟

وحِنّائيَ المنقوشَ بالشوقِ كَفّاهُ

أتذكُرُ أطفالي الذين قضوا وفي

عيونِهمُو لومٌ

فلما نأوْا فاهُوا؟

أمِ الغدُ أغلى موعدٍ تحتفي بهِ؟

فما أبردَ الذكرى عليكَ

وأدْفاهُ

ستَسأمُكَ الدّنيا

وتسأمُها

فعُدْ

إلى غدِكَ المنذورِ للركضِ خُفّاهُ

أنا لستُ بيتًا يا (زُهير) تحُكُّهُ

إذا نَجَزَ المعنى

وتمَّ مُقفّاهُ




سأغنّي



أنا لنْ أخرجَ مِنِّي

إنها أرضي أنا

أرضي

على إيقاعِ نبضي

خيطَتْها الريحُ من وعْيِي وغَمْضي

حُلُمي

قمحي

ومائي

حجري

غيمي

سمائي

وأساطيري وسَلْواي ومَنِّي

أنا لنْ أخرجَ مِنِّي

أيها الناشزُ عن غيري وعَنِّي

أيها الفاشلُ في العزفِ!

سأبقى وترًا يهتزُّ بالمعْنى

وأما دميَ الأحمرُ كالجوريِّ

فالحنّاءُ للرملِ

إذا اشتاقتْ يداهُ للتّحَنِّي

كلّما فجَّرتَ سِربي

سأُغنّي

كُلّما سجَّرتَ دربي

سأُغنّي كُلّما أوجعتَ قلبي

سأُغنّي

أنا لا كُنتُ

ولا كانتْ حياتي أبدًا

إنْ لمْ أكُنِّي

إنّها ذاتي

وشُكرا أيها الخوفُ

لأنّي

سأصلّي الآن بالدُّنيا صلاةَ المطمئنِّ

ثُمَّ لن أخرجَ مِنِّي

سأُغنّي

وأُغنّي

وأُغنّي




تلٌّ يَحْمَرُّ .. وفزّاعة



وجهُهُ

لا تستُرُ الكفُّ احمرارَهْ

قبَّلتْهُ الشمسُ

فاشتدَّ حرارَةْ

بامتدادِ الرملِ هذا الوجهُ

لا حُفرٌ فيهِ

ولا فيهِ حجارَةْ

يقطُرُ الضوءُ على بشرتِهِ

فتزيدُ الضوءَ عُمقًا

وغزارَةْ

الكثيبُ الرحبُ:

خدُّ امرأةٍ غضَّةٍ

كلَّلَهُ زهرُ البكارَةْ

كلّما احمرَّ

حسبناها يدًا لطمتهُ

فتداركْنا ذِمارَهْ

وتحلّقْنا عليهِ

فإذا باحمرارِ الخدِّ لونُ الجُلَّنارَةْ!

وتشجَّرْنا على أطرافِهِ

عوسَجًا يأبى على الماءِ اشْتِجارَهْ

كلَّما احمَرَّ

عرفنا أنَّ للشيحِ عينيهِ

وللريحِ غُبارَهْ

واحتفلْنا حفلةَ البدوِ بصحرائِهِمْ

يومَ أُصيبَتْ بالحضارَةْ

فإذا بالنخلِ في أوجِ الظّما

يُرضعُ الأثْلَ

ويُدْنيهِ جِوارَهْ

يُصبِحُ التلُّ ويُمسي

خُبزةً للعصافيرِ

وللأولادِ حارَةْ

ويهبُّ الليلُ والتلُّ غدٌ

فوقَهُ جُنديُّهُ يُوقِدُ نارَهْ

كلَّما ازدادَ شِتاهُ حُلكةً

حرَّكَ الموقدَ.. فانداحتْ شرارَةْ

وأتى بالفجرِ

أغراهُ بإبريقِ شايٍ ترشُفُ المُزنُ بُخارَهْ

فتلهَّفنا إليهِ

وكسِربِ الفراشاتِ تحرَّينا فَنارَهْ

ولمحنا خيمةَ الجنديِّ

بلْ

وسمِعنا مع ليلاهُ حِوارَهْ

ـ أرضُهُ ليلاهُ ـ:

يا ليلى خُذي معطفي

نامي

فكُمّاهُ خفارَةْ

دارُهُ يُدخِلُها في جوفِهِ

خشيةَ الأحْناشِ أن تدخُلَ دارَهْ

عينُهُ سنبلةٌ ملْأى بفلّاحِها

تحرُسُ للقمحِ نهارَهْ

قلبُهُ فزَّاعةٌ!

لكنَّهُ

كُلَّما اصطادَ كناريًّا

أطارَهْ..







صانعُ المراكب



خليجٌ واحدٌ

والريحُ شَتّى!

فكيفَ على مرافِئهِ نَبتّا..؟

كأنَّكَ أُمُّهُ

أوْ أُمُّ موسى

لأنَّكَ كُلَّما ماجَ الْتفَتّا..!

ومنْ شجَرِ الفؤادِ قطعْتَ جِذْعًا

حَفرْتَ لهُ فمًا

ويدًا نَحَتّا..

فأوْمأَ للبعيدِ..

فقُلتَ: أبحِرْ

من الإيماءِ

حتّى ألفِ حتّى

خليجٌ غاصَ فيكَ

فزدتَ عُمقًا

وإمعانًا

كلُؤلؤةٍ تَعتّى!

وسِتُّ سفائنٍ من غيرِ سوءٍ

وهمُّكَ كانَ

أنْ يبقَيْنَ سِتّا

خليجٌ ريحُهُ طحَنَتْ رَحاهُ

وقلبُكَ في ضلوعِكَ لمْ يُفَتّا!

إذا عَصَفَتْ بِه

صِحتَ: اقذِفونِي

فإنَّ الحوتَ يَشْبَعُ بابنِ مَتّى!

وإنّكَ يا فتى اليقطينِ

حتْـمًا ستحْيا

لوْ فداءً عنكَ مُتّا..!

خليجًا دونَ غرقى أشْتهيهِ

ومَوَّالًا

قَوافيهِ تَأتّى





تلويحةٌ للكهرمانِ والمطر



عربيٌّ أنا

وقلبي ربابَةْ!

أسمعُ الماءَ قبلَ بوحِ السحابَةْ

زمزميٌّ دمي

و(هاجَرُ) أمي

علّمتْهُ أن لا يخونَ سرابَهْ

فدعوني أجرِّبُ اليومَ قلبي

مع ليلى (المرّيخِ)

أطرُقُ بابَهْ

ربّما أينع الغيابُ

وحنّتْ غيمةٌ في سمائِهِ لانْسكابَةْ

الحياةُ التي هناكَ توارَتْ

لنْ يرُدَّ الحياةَ غيرُ الصبابَةْ

بدويٌّ أنا

وأعرفُ ريحي وغُباري

إذا الفضاءُ تشابَهْ

وخلايايَ حينَ تشتاقُ للعشبِ

ترى كلَّ رملةٍ لبْلابَةْ

فالتي في البعيدِ تحمرُّ

ليستْ كوكبًا هيَّجَ الجفافُ تُرابَهْ

إنّها كهرمانةٌ جمُدَتْ!

في جوفِها ربّما تلظَّتْ غابَةْ

ذكّرتْني بوالدي

كيفَ كانتْ روحُهُ صخرةً

ولكنْ مُذابَةْ




قُبلةٌ على فمِ القصيدة



كأيِّ رضيعٍ يشْتهي جوعَهُ الثدْيُ

يُراوِدُكَ المعنى

يُطاردُكَ الوحْيُ

قصيدتُكَ الأولى تظَلُّ بعيدةً

يضيقُ بها المسعى

يليقُ بها السعْيُ

وتبقى إذا الصحراءُ أهدتْكَ روحَها

نبيًّا مجازيًّا

يُصوِّفُهُ الرعْيُ

تمُدُّ (أبوظبيٍ) إليكَ رُخامَها فمًا

وتُنادي:

هَيتَ يا أيُّها الظبْيُ

بقلبِكَ نطّافًا

وإنْ شابَهُ صدًى

وثوبِكَ شفّافًا

وإنْ زانَهُ وشْيُ

تلفَّتْ إلى ليلاكَ

واسألْ عن الهوى!

(أما للهوى أمرٌ عليكَ ولا نهْيُ؟)

رفعْتُ ثيابي

مثلَ (بلقيسَ)

ماشيًا على لبَنِ الأحجارِ

وعْيٌ ولا وعْيُ

أقبِّلُها كالرملِ قبَّلَ توتَةً

أبَلِّلُها كالماءِ أتعبَهُ الجرْيُ

وأكملُ تَرْحالي إلى الخلدِ بعدَها

فرِجْلا قصيدي

لمْ يزَلْ فيهِما مشْيُ

سلامًا (أبوظبْيٍ)

سأنْأى لأنَّني

أنا النايُ

والناياتُ يُشبِهُها النأْيُ!
رد مع اقتباس