عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 01-13-2019, 07:12 PM
تاريخ الحب تاريخ الحب غير متواجد حالياً
Senior Member
 
تاريخ التسجيل: Nov 2018
المشاركات: 787
إرسال رسالة عبر MSN إلى تاريخ الحب
افتراضي رد: تحميل كتاب هذه حقيقتى ليلى الطرابلسى, اقرأ ترجمة الصفحات تحميل كتاب ليلى الطرابلسى كاملا, مذكرات ليلى الطرابلسى

الصفحة الخامسة
فى مطار العوينة
الحراس العسكريون رفضوا أن يفتحوا لنا البوابة وكان من الضرروي أن ينزل السرياطي لاعطائهم التعليمات.. أمر آخر غير مسبوق حصل فقد تم توجيهنا لا الى صالة الشرف كما هو مفترض بل الى مستودع المطار أين كانت الطائرة الرئاسية بصدد التزود بالوقود.
نظرت حولي كان المستودع مليء بأصحاب البدلات الأمنية و العسكرية.. وحدات التدخل التابعة لفرقة مقاومة الارهاب, فرقة النينجا, عناصر من الحرس الوطني, عناصر أمنية بالزي المدني, و عناصر ترتدي بدلات عسكرية خضراء لم أستطع تمييزها... حراسنا الشخصيون كونوا حاجزا حولنا يفصلنا عن الآخرين, رأيت أيضا عربات عسكرية مدرعة, ولكن أظن أنها كانت موجودة هناك منذ المظاهرات بسبب حالة الطوارئ المعلنة.
مفاجأة أخرى, عدد من أفراد أسرتي الذين من المفروض أن يغادروا الى طرابلس عبر مطار تونس قرطاج كانوا بانتظارنا. سمعوا أننى سأغادر الى العربية السعودية وجاؤوا على أمل أن يجدوا لهم مكانا فى الطائرة, غير أن السرياطي خيب أملهم. كانوا مسجلين فى رحلة الساعة السابعة مساء الى ليبيا ووجب اللحاق بها بسرعة..
من الأقارب المغادرين استطعت أن أبقي سعاد زوجة أخى معي ..
فى مستودع الطائرات محادثة "مضطربة" دارت بين زوجي و السرياطي حيث كانا يمشيان جيئة و ذهابا تحت الطائرة وكنت أتبعهم "كالروبو" ولكن أراقب فى نفس الوقت ان كان يوجد أي اشارة الى تهديد محتمل..
كنت أقول لنفسي اذا كان هناك شخص سيطلق النار على بن علي فليكن أنا من يتلقى الرصاصة.. كان هناك حلم رأيته منذ مدة يستحضرني بقوة فى تلك اللحضات وكان فيه السرياطي.. سأرويه لاحقا....
ازدادت الحيرة و الاضطراب فى المستودع عندما قال السرياطي أن فرقة مقاومة الارهاب سيطرت على برج المراقبة. هنا لأول مرة تحركت و سألت قائد الطائرة شيخ روحو "مالذى يحدث وهل لن نستطيع المغادرة؟" تحدث "شيخ روحو" فى الهاتف ثم رد علي قائلا "لا تقلقى سيدتى, لا أحد سيطر على برج المراقبة و سنسافر."
هل كان السرياطي يختلق أكاذيب أو كان هو نفسه ضحية معلومات خاطئة... على كل هو الآن ذهب الى آخر مدى قائلا لزوجي " سيدي الرئيس، لعلّه من الأفضل مرافقة أسرتك شخصياً إلى السعودية. وليس هناك أي خطر من عمل ذلك. فغداً سوف تستتب الأمور و تعود".

الصفحة السادسة

رأيت الدهشة بادية على وجه زوجي بعد كلام السرياطي, كيف سيغادر البلاد فى مثل هاته الظروف الحرجة التى تستدعى وجوده واشرافه؟ سرد له السرياطي سيناريو مخيف حول قصف للقصر وحمام من الدم وخاصة اغتيال الرئيس من قبل أحد حراسه الشخصيين المخترقين اذا أصر على البقاء..

بن علي تراجع أخيرا أمام الحاح السرياطي - وليس كما قيل أمام بكاء ابنه -, ابنى محمد الذى لم يكن يفهم ما يدور حوله كان قد أخذ مكانه فى الطائرة منذ وصولنا الى العوينة...
اذا وبحضور محسن رحيم مدير التشريفات دعى الرئيس قائد الطائرة وأعلمه أنه سيسافر معه لايصال العائلة ومن ثم الرجوع مباشرة... ثم استدار الى محسن رحيم طالبا منه اعلام الوزير الأول بقراره..
قام السرياطي اثر ذلك بدفع الرئيس الى سلم الطائرة خوفا من تراجعه, حتى وصوله الى داخل الطائرة انحنى لتقبيل يدي الرئيس قائلا " أرجوك ارحل, ارحل!", ولمزيد اقناعه قال " أنا أيضا سأرحل معكم.. أغراضي موجودة فى قمرة القيادة"
فرد بن علي مستنكرا "كيف سترحل معنا؟ أنا الذى سأصطحب العائلة أو أنت, ولكن يجب على أحد منا أن يبقى هنا على الأقل لضمان تأمين قصر قرطاج.". طلب السرياطي من المضيفة أن ترجع له أغراضه فجلبت له حقيبة و معطف.. ومن ثم نزل من الطائرة.

ادعى السرياطي بعد ذلك فى سجنه أثناء التحقيق معه أن رحيل الرئيس تم بموافقته وأن الرئيس طلب منه –من السرياطي- أن يرافقه فى الرحلة.. هذا غير صحيح .. اقتراح مغادرة الرئيس كان بالحاح ودفع من السرياطي وأنه بدا مرتاحا حين رفض الرئيس مصاحبته فى الطائرة.
أثناء جلسات الاستماع للسرياطي أيضا طلب منه ان كان فى نية الرئيس الهرب. فرد "نعم, أعتقد ذلك" وهذا محض كذب... بدون الحاح السرياطي لم يكن الرئيس ليصعد الطائرة بل أنه لم يكن يريد حتى اصطحابنا الى المطار.. وكما سنرى بعد ذلك أنه حتى أثناء الرحلة كان الرئيس مقتنعا أنه باستطاعته العودة من الغد الى البلاد......


الصفحة السابعة
السفر

حليمة كانت الأخيرة التى استقلت الطائرة. وطلبت من أحد حراسها الشخصيين الموجود فى المدرج اذا كانت تستطيع أن تسلم على ابيها وتحتضنه لأنه من المحتمل أن يطول سفرها.. فرد عليها الرجل مطأطأ رأسه "لا أعلم!" .. وهاهي تكتشف أن أباها سيسافر معها! .. نفس المفاجأة كانت لمرافقتنا ايمان عندما جاءتها المضيفة –والطائرة فى السماء- وسألتها عن "أدوية الرئيس" فردت مستغربة "لمذا؟ السيد الرئيس معنا فى الطائرة؟! "

من النافذة كنا نرى أربع سيارات كبيرة، كانت تشكل ما يشبه الحاجز حول الطائرة ... هذا المشهد جعلني أفكر في وجود خطر داهم، يتهدد مدرج الطائرة، خصوصا بعدما حذرنا السرياطي وأخبرنا بسيطرة البعض على برج المراقبة، ما قد يحول دون سفر الرئيس أو ما قد يؤدي الى اغتياله.

هل كانت التهديدات حقيقية أم كانت مجرد سيناريو وخطة معدة مسبقا؟ هل كان هناك خطر فعلي يتهدد الرئيس ؟ أم كانوا يريدونه أن يرحل مهما كان الثمن حتى لا يتم توقيفه أو محاكمته؟ أم كانوايخططون لتصوير الأمر على أنه هروب دون السقوط في أي تناقض؟.

أقلعت الطائرة في حدود الساعة الخامسة والنصف عصرا وكنت على متنها، أنا وزوجي وابني محمد وحليمة وخطيبها، بالاضافة الى طاقم الطائرة.

في الواقع، بعد بضع دقائق من الاقلاع،جاء قائد الطائرة واطلع بن علي على أمر تلقاه من الرئيس المدير العام للخطوط الجوية التونسية نبيل شتاوي، لقد طلب منه هذا الأخير العودة فورا الى تونس بعد أن يُنزل جميع الركاب في المملكة العربية السعودية.

م يفهم بن علي ان كان الأمر يتعلق بغلطة أو نكتة، لذلك قام من مقعده واتجه نحو الكابينة، حيث كان الطيار والميكانيكي وقال لهما «أبنائي، اذا ما كنتم في حاجة الى فسحة للراحة أو الى وقت اضافي للتزود بالكيروزين، لا يوجد أي مشكل، سنغادر في وقت متأخر من الصباح».

لكن الطائرة غادرت بسرعة، فمن أعطى الأمر؟.

اتصل زوجي هاتفيا بالوزير الأول محمد الغنوشي ليخبره بأنه سيغادر ويعود في الغد، وعليه أن يخلفه في ممارسة مهامه، ثم أعاد الاتصال به، لكن العنوشي رد عليه بالقول «نحن في قصر قرطاج سيدي الرئيس» فتساءل الرئيس: ماذا تفعل في القصر في هذه الساعة؟ فرد الوزير الأول «لا أعرف، لقد حضر حرس ملثمون الى بيتي وجاءوا بي بالقوة».

حين كان الغنوشي يرد على الرئيس، كان يتوجه بكلامه الى شخص آخر، كان يحاول ابعاده، لقد كان يقول له «اخرج من هنا، اخرج، ألا ترى أني بصدد الحديث مع السيد الرئيس».

تساءل بن علي: مع من تتحدث؟ فرد الغنوشي: «انه أحد الحراس ولا يريد الخروج، لقد حبسونا هنا ولا نعرف لمَ؟

كان الوزير الأول يشعر بالخوف، وقد شعر الرئيس بذلك من نبرة صوته، واعتقد أن زوجي فهم كل شيء في هذه اللحظة، فحاول الاتصال بالسرياطي، لكنه لم ينجح في ذلك، لان مدير الأمن الرئاسي لم يرد. مباشرة بعد ذلك طلب الرئيس التحدث إلى فؤاد المبزع رئيس مجلس النواب، الذي كرر له كلام الغنوشي نفسه «لقد اقتيد من قبل رجال ملثمين إلى الصالون الأزرق في قصر قرطاج من دون أي تفسير» والأمر نفسه بالنسبة لرئيس غرفة المستشارين وزير الداخلية السابق عبد الله قلال الذي لم يتوقف عن تكرار «سيدي الرئيس ما يحدث خطير للغاية، عليك أن تبقى حيث أنت».

ويبدو أن المحاولة ذاتها استهدفت رئيس المجلس الدستوري فتحي عبد الناظر، لكن هذا الأخير أغلق هاتفه، فلم يتمكن الملثمون من الإمساك به.

بدا جليا الآن أن الاشخاص الذين أجبروا أبرز أعضاء الحكومة على التنقل إلى قصر قرطاج، هم أنفسهم الذين حضّروا مقلب الطائرة لإبعادنا من البلد وعدم عودة بن علي.

اتصل بن علي هاتفيا بوزير الدفاع رضا قريرة، فوصف هذا الأخير الوضع في قوله «إنها كارثة، وقعت مجزرة هذا المساء والحصيلة ثقيلة جدا، عليك أن تبقى في المملكة العربية السعودية ليومين او ثلاثة ولا تعد أبدا قبل أن نتصل بك».

وأخيراً اتصل الرئيس بكمال لطيف، صديقه السابق الذي تحول إلى خصمه، لكن هذا الأخير اكتفى بالتعبير التونسي «لقد تقاسمنا الماء والملح واعتبارا لهذه الصداقة، أنصحك بعدم العودة».

أعاد بن علي الاتصال بوزير الدفاع كي يسأله عن الأسباب التي منعته من الحديث إلى السرياطي، لكنه فوجئ برضا قريرة يخبره بتوقيف مدير الأمن الرئاسي علي السرياطي بسبب تورطه في الأحداث.

تحول مكتب الطائرة إلى خلية أزمة، حيث حاولت أنا وزوجي فهم الوضع وكنت أعرف من خلال المعلومات التي كانت ترد إلى بن علي بان أفراد عائلتي وجزءا من أفراد عائلته تم اعتقالهم، شعرت بالقلق وخفت من أن يكون القتل مآلهم فيما كان أبنائي قلقين، لكننا تجنبنا اطلاعهم على حقيقة الوضع.

في تلك الأثناء، انشغل خطيب حليمة بشد انتباه محمد بسرد قصص له، واللعب معه، كانا جائعين، ولكن لم يكن هناك أي شيء على متن الطائرة سوى بعض زجاجات المياه المعدنية التي جيء بها في آخر دقيقة.. وهما منهمكان في اللعب خرج زوجي من مكتبه وأعطاهما قطعة شوكولاتة.
يتبع ........
رد مع اقتباس