حقيقة التوكل على الله
[align=center]التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه ، و تعلق القلوب به جل و علا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب و يندفع بها المكروه ، وتقضى الحاجات ، و كلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق ، و هذا هو حال جميع الأنبياء و المرسلين ، ففي قصة نبي الله إبراهيم – عليه السلام – لما قذف في النار روى أنه أتاه جبريل ، يقول : ألك حاجة ؟ قال : "أما لك فلا و أما إلى الله فحسبي الله و نعم الوكيل " فكانت النار برداً و سلاماً عليه ، و من المعلوم أن جبريل كان بمقدوره أن يطفئ النار بطرف جناحه ، و لكن ما تعلق قلب إبراهيم – عليه السلام – بمخلوق في جلب النفع و دفع الضر .
و نفس الكلمة رددها الصحابة الكرام يوم حمراء الأسد – صبيحة يوم أحد – يقول تعالى: ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ ) " سورة آل عمران : 173 – 174 " .
و لما توجه نبي الله موسى – عليه السلام – تلقاء مدين ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) " سورة القصص : 23 – 24 " أوقع حاجته بالله فما شقي ولا خاب فالتوكل سمة بارزة في حياة الأنبياء الأخرةوالتوكل معناه: صدق اعتماد القلب على الله عزوجل في استجلاب المصالح ودفع المضار، من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يَكِلَ العبد أموره كلها إلى الله جل وعلا، وأن يحقق إيمانَه بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا ينفع: سواه جل وعلا.
وقد حَضَّ الله عباده المؤمنين على التوكل في مواضع عديدة من الكتاب العزيز، وبيَّن سبحانه ثمراته وفضائله:
ومن ذلك قوله سبحانه: { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( إن التوكل أعم من التوكل في مصالح الدنيا، فإن المتوكل يتوكل على اله في صلاح قلبه وبدنه، وحفظ لسانه وإرادته وهذا أهم الأمور إليه،قال الشيخ سليمان بن عبداللّه بن محمد بن عبدالوهاب ان التوكل قسمان:
أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلا اللّه، كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم، من نصرٍ أو حفظِ رزق أو شفاعة، فهذا شرك أكبر.
والثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة، كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقْدَرَهُ اللّه تعالى عليه من رزق أو دفع أذى ونحو ذلك، فهو نوع من شرك أصغر.
والوكالة الجائزة هي توكيل الإنسانِ الإنسانَ في فعل ما يقدر عليه نيابةً عنه، لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وُكِّل فيه، بل يتوكل على اللّه في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه، وذلك من جملة الأسباب التي يجوز فعلها، ولا يعتمد عليها بل يعتمد على المسبِّب الذي أوجد السبب والمسبَّب والناس مع التوكل ثلاثة أنواع الأول: من تواكل وقعد عن العمل ولم يأخذ بالأسباب وهذا مخالف لسنة الله عز وجل في الكون.
وقد يظن بعض الناس أن معنى التوكل ترك الكسب بالبدن، وترك التدبير بالقلب، والسقوط على الأرض كالخرقة، وهذا ظن الجهال، وحرام في الشرع. ولا شك أن ترك التكسب ليس من التوكل في شيء إنما هو من فعل المبطلين الذي آثروا الراحة، وتعللوا بالتوكل.
وقال ابن رجب: ( واعلم أن تحقيق التوكل لا ينافي السعي في الأسباب التي قدّر الله سبحانه المقدورات بها، وجرت سنته في خلقه بذلك، فإن الله تعإلى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل، فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له، والتوكل بالقلب إيمان به،الثاني: من قام بالأسباب وترك التوكل وهؤلاء الماديون وأتباعهم ، الثالث: أهل الحق من قاموا بالأسباب وتوكلوا على الله عز وجل. وهذا هو طريق الرسل والأنبياء ومن تبعهم بإحسان، فهم يعملون للجنة ويتوكلون على الله، ويعملون في مصالحهم وهم متوكلون على الله، ويجاهدون وهم مستعدون متوكلون.
جعلنا الله من المتوكلين على الله حق التوكل[/align]
|
04-28-2007, 05:18 PM
العرض العادي
